حوار مفتوح . . . مع أبي الفتوح

المفكر المصري العظيم د. سيد القمني

حوار مفتوح . . . مع أبي الفتوح

في حوار هام ، بل و خطير ، مع القطب الإخواني الأشهر الأستاذ عبد المنعم أبو الفتوح ، منشور على موقع الإخوان و إسلام أون لاين و مواقع إسلامية أخرى عديدة ، قدم الأستاذ أبو الفتوح تعريفه لمصطلح الدولة الإسلامية ، و اعتبر أن دولاً مثل مصر أو الأردن هي دول إسلامية بالفعل ، فهل قرر الإخوان التخلي عن فكرة الاستيلاء على الحكم لإقامة دولة إسلامية ؟ ثم إنه يقول في هذا الحوار إن الإخوان مع دولة مدنية لا دولة دينية ، و أن من يحكم في هذه الدولة متخصصون مدنيون ، فماذا تبقى إذن من الإخوان ؟ نحاول هنا أن نعيد قراءة ما قال أبو الفتوح عسانا نعثر عند الإخوان على موقف واضح غير ملتبس من موضوع الدولة المدنية أو الدينية ، فيما استجد على فكرهم هذه الأيام .
يقدم أبو الفتوح في البداية تعريفه و فهمه لمصطلح الدولة الإسلامية بأنها ؛ هي التي تعيش فيها أغلبية مسلمة ، و عملاً بالمبدأ المنحاز للأغلبية فإنها تكون دولة مسلمة و ديموقراطية في آن معاً . و هو تعريف إضافة لكونه غير دقيق ، بل و غير صحيح بالمرة كما سنرى الأن ، فإنه يشير إلى أن الإخوان مع ارتباكهم امام الإنفتاح على العالم ، بعد حضور هذا العالم إلى بلادنا بعد سبتمبر 2001 ، لم يعودوا بقادرين حتى على تحديد مفاهيمهم الخاصة بهم بشكل واضح ، فقد اعتادوا الخطابة في زمن ما قبل 2001 ، و اعتاد الناس أن يسمعوا تلك الخطب و ما فيها من مفاهيم و مصطلحات ؛ مثل : الأمة ، و المجتمع المسلم ، و الدولة الإسلامية ، و ديار الإسلام ، دون تحديد واضح دقيق لمثل هذه المفاهيم التي أزعم أنها جميعاً بلا دلالات حقيقية أو واقعية و أنها كلام واهم ، و وهم كلام ، بلا معنى و لا دلالة واحدة سليمة . و نموذجاً لذلك ما يلقيه علينا هنا الاستاذ عبد المنعم أبو الفتوح ، الذي قرر أن يقدم الإخوان للعالم عبر مفاهيم و اصطلاحات جديدة تتفق و الوجه المطلوب للعالم الجديد .
لنبدأ بتعريفه للدولة الإسلامية بتلك التي تسكنها أغلبية مسلمة ، و هو ما يعني أن دولة عمر بن الخطاب أو دولة الأمويين لم تكن دولة إسلامية ، لأنها حسب تعريفه معظم سكانها لم يكونوا مسلمين ، و لم يحكم العرب المسلمون هذه الدولة إذن بالمبدأ الديموقراطي ( الأغلبية ) الذي يأخذ به أبو الفتوح اليوم و ينسبه للدولة الإسلامية ، لأن الحاكمين كانوا هم الأقلية بل كانوا أقلية الأقلية ، و لم يحكموا بحكم الأغلبية بل بحكم الغلبة و القوة المسلحة الغاشمة .
إن تعريفاتهم تتغير بحثاً عن قناع جديد يناسب المستحدثات العالمية ، و لأنها يتم تفصيلها فإنها عادة ما تأتي غير علمية و زئبقية و ملتوية كالحرباء . لقد كان تعريف الدولة المسلمة زمن الخلافة الراشدة هي الدولة التي يحتلها المسلمون لأنهم كانوا لا يعرفون لأنفسهم دولة . و لأنهم لو أخذوا بتعريف أبو الفتوح و بمبدأ الأغلبية الديموقراطي لكانت دولة أبو بكر غير مسلمة ، لأن ثلاثة أرباعها كانوا مرتدين ، و دولة عمر ، و عثمان ، و عليّ ، التي ضمت الشام و العراق و مصر كانت غير مسلمة بدورها لأن غير المسلمين كانوا هم أغلبية السكان الساحقة ، و الأمر ببساطة هو أن مفهوم الأغلبية و الأقلية كمفهوم سياسي حديث لم يكن معلوماً و لا مفهوماً للمسلمين ، لا في دولتهم البدائية الأولى بالحجاز ، و لا بعد تشكيل الإمبراطورية الإسلامية . و لم يحكم هذه الإمبراطورية سوى السادة العرب ، ثم من بعدهم الترك العثمانيين بحكم قدسية الخلافة المستبدة بالعنصر و الدين وحدهما ، لا بالأغلبية و لا بالأقلية ، فهذا نظام لا يعرفه الإسلام فهو نظام غير إسلامي ، فما لأبي الفتوح و مصطلحات قانون الغرب الذي يطلق عليه المتأسلمون إخواناً و إرهاباً اسم : الطاغوت ؟
هذا وجه من وجوه الإخوان ، و هناك وجوه أخرى ، و كل له دورر مقسوم يقوم به ، فالمرجع الفقهي للإخوان و بقية الجماعات الشيخ قرضاوي ، و لأنه ليس شريكاً فعلياً في العمل السياسي المباشر و الحركي ، أو هو يزعم ذلك ، تفرغا منه كمرجع فقهي للجميع . فإنه يملك مساحة أوسع للمناورة و للقول الأصرح ، فهو يصر على تعريف الدولة الإسلامية بتلك التي تحكم بشرع الله ، و لا يرى دولاً مثل مصر و الأردن دولاً إسلامية كما رأى أخوه أبو الفتوح ، أبو الفتوح يناور و قرضاوي يعلن منافيستو واضح المعالم يقول : ” إن إقامة الدولة المسلمة التي تحكم بشريعة الله و تجمع المسلمين على الإسلام و توحدهم تحت رايته ، فريضة على الأمة الإسلامية . . و على الدعاة إلى الإسلام أن يعملوا بكل ما يستطيعون للوصول إليها و يهيئوا الرأي العام المحلي و العالمي لتقبل فكرتهم و قيام دولتهم / كتابه : الصحوة الإسلامية بين التطرف و الجحود / ص 222 ، 223 ” . و أبو الفتوح و قرضاوي كلاهما قطب بل و قرن من قرون الإخوان المسلمين . و كلاهما له أهداف سياسية ، الثاني حركي ، و الأول تنظيري مهمته الدعاية و التوجية المعنوي ، يحض الدعاة لترك ضمير المسلمين و دينهم الذي هو وظيفتهم الحقيقية ، للإنخراط في العمل السياسي الحركي المباشر.
لكن مشكلة مشايخنا و الإخوان معاً ، أن زادهم من العلم السياسي يعاني من فقر مدقع / كما هو شأنهم مع كل المعارف الإنسانية و العلوم المختلفة ، لذلك عندما يتحدثون في السياسة تسمع منهم عجبا . كما سمعنا من هنيهات تعريف أبي الفتوح للدولة المسلمة بأنها ذات الأغلبية المسلم حسب المبدأ الديموقراطي ، خالطا بين زمن و زمن أتى بعده بأربعة عشر قرناً ، مستخدماً المصطلحات المعاصرة كالديموقراطية مع دولة بدائية عتيقة ، خالطاً بين معنى الشعب و معنى الدولة ، فالدولة مجموع مؤسسات و هيئات وظيفية ، بينما الشعب المصري مثلاً غالبيته من المسلمين حقاً ، لكن دولته تقوم على المؤسسات و الهيئات ، و ليست مسلمة و لا مسيحية ، منذ فجر تاريخ البشرية على الأرض و هي دولة يعيش عليها شعب مصري تتغير دياناته ، و معتقداته ، و ثقافاته ، و تتعدد روافده ، و يظل مصرياً في دولة مصرية .
و لو لزم القول بأن مصر دولة إسلامية للزم التوضيح هل هي شيعية أم سنية ، وهابية أم حنفية أم إخوانجية أم طالبانية ؟ ، بينما تظل الدولة المصرية مصرية حتى لو سكنها الجان من أي ملة أو عنصر . و لو كانت الدولة ضمن اهتمامات الدين الإسلامي ، لو كان السلف الصالح على قناعة بدولة إسلام ، لقاموا هم بتعريف هذه الدولة المسلمة و أجابوا هم عن السؤال ، و هم لم يقولوا في ذلك شيئا ، و هم الأعلون ، فهل من حق الإخوان أن يقولوا ؟ ثم ما حكاية : ( إسلامية بالأغلبية ) حسب المبدأ الديموقراطي ؟ فمتى آمن الإخوان بالديموقراطية ؟ و من أين حصلوا عليها ؟ و هي غير موجودة في إسلامنا و لم يعرفها سلفنا الصالح و لا نبينا ، لأنها لو كانت موجودة لكانت دولة الخلافة دولة غير إسلامية بحكم الأغلبية . إن سلفية الديموقراطية لا تعود إلى الحجاز إنما تعود إلى أثينا و روما قبل ظهور الإسلام بقرون طوال تصل إلى الألف عام ، و لم تعرفها بلاد الحجاز من يومها و حتى يومنا هذا !!!
في نظام الحكم الإسلامي ليس هناك شئ اسمه الديموقراطية ، لا يعرف أغلبية و أقلية ، لأنه لا يوجد شئ اسمه رأي الرعية ، بدليل أن الأقلية العربية هي التي كانت تحكم بمشاركة الفقهاء فقط و لا وجود للرعية . الخليفة عثمان كان يتصرف دون أن يأخذ رأي أغلبية أو أقلية .و قتله بعض المسلمين من خيار الصحابة و أبناء الصحابة دون أن يأخذوا رأي أغلبية و لا أقلية و دون أن تخرجهم جريمة قتل الإمام من الملة ، فهذا القتال هو الوحيد في تاريخ المسلمين الذي لا يأثم فيه المسلم إن قتل مسلماً من أجل الجاه أو السلطان ، أو المال . و كان القتلة رعية عرب مسلمين يقومون بمهمة نشر الإسلام في مصر ، فلما علموا أن هناك أموالاً تؤخذ و مناصب توزع ، تركوا مهمتهم السامية و عادوا إلى يثرب يطالبون بنصيبهم حتى قتلوا خليفتهم ، فهل هذه هي الديموقراطية و تلك هي الدولة التي يقصدها أبو الفتوح ؟ أم تراه يرى دولته ستكون أكثر إسلاماً و أقل عيوباً من دولة الراشدين ؟
لو كان هناك رأي لأغلبية لأخذ أبو بكر و هو خليفة برأي الصحابة و علي رأسهم عمر بعدم قتال مانعي الزكاة ، و لما أنفذ رأيه المتفرد و أعلن عليهم الحرب على عدم رغبة الأغلبية من كبار الصحابة .
لو كان هناك أي اعتبار لمعنى الأغلبية لأخذ عمر برأي تسعة من عشرة من خيار الصحابة استشارهم في قيادته لجيوش الفتوح بنفسه ، و قالوا بوجوب إمارته للجيوش ، لكنه أخذ برأي العاشر وحده ، و هو عبد الرحمن بن عوف الذي قال بوجوب بقاء الخليفة سيداً للمدينة ، و إرسال الجيوش تحت قيادات أخرى ، و لم يأخذ برأي التسعة .
إن الإسلام كما نعلم عنه جميعاً هو علاقة عبد بخالقه و لا علاقة له بدولة و لا حكومة و لا سياسة ، لو كان مهتماً بذلك لوضع شكلاً محدداً لنظام الحكم و مؤسساته ، و طرق تبادل السلطة ، و أساليب توزيع الثروة ، و لما تقاتل الصحابة الأجلاء على الأموال المنهوبة من البلاد المفتوحة ( تراثنا الإسلامي يسمي ذلك بوضوح : نهب ) كل هذا القتال ، لأنه كان سيكون لديهم طرقاً سياسية مقدسة محددة سلفاً لكل مسلم ، لكن لأن ذلك كله لم يكن في الإسلام ، فقد حدثت الفتنة الكبرى ، و عندما تم التعامل مع الدين في السياسة لم يكن أبداً لصالح الدين ، و ألحق أفدح الضرر بالسياسة ، مما أدى لمقتل عثمان و بداية الفتنة الكبرى ، و محاربة عائشة أم المؤمنين لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه حرباً دموية وحشية بكل المقاييس ، و محاربة كاتب الوحي معاوية لعلي مكرم الوجه ، و محاربة الخوارج لكليهما ، بل و انقسام دين المسلمين إلى قسمين لا يلتقيان و لا يلتئمان أبداً : شيعة و سنة و يستبيحون دماء بعضهم البعض و كلاهما مسلم ؟ !! ، و لأن نظام الحكم لم يكن اهتماماً إسلامياً تمت استباحة مدينة رسول الله ثلاثة أيام في وقعة الحرة ، الكريهة ، و تم ضرب الكعبة و حرقها بالمنجنيق على المتحصنين فيها . كل هذه الأضرار الفوادح لحقت بالدين عندما تم إلحاقه بالسياسة و هو غير مشغول بها ، مما أدى إلى ضرر مماثل على الجانب السياسي .
و لأن الإسلام لم يهتم بمسألة أنظمة الحكم و الإدارة ، فقد ترك المسلمون الفاتحون البلاد المفتوحة تدار كما كانت تدار بالأساليب الرومانية و الساسانية ، و هي أساليب غير إسلامية اخترعتها شعوب غير عربية و غير مسلمة منذ قرون طويلة ، بل و أمر الخليفة عمر بإنشاء دواوينا عربية هي نموذج لما كان في السابق في دولتي الفرس و الروم .
***
نتابع القطب الإخواني عبد المنعم أبو الفتوح و هو يقوم بتحديث الفكر الإخواني ، طلباً للأنخراط في العملية السياسية ،في ظرف عالمي جديد يختلف بالمرة عن زمن نشأة الإخوان ، فيقول : ” إني أرى أن كل الدول التي أغلب سكانها من المسلمين هي دول إسلامية حسب المبدأ الديموقراطي سواء مصر أو الأردن ، و ذلك لا يعني أننا نوافق أو نرضى عما لحق بهذه الدول من فساد و عطب ، متمثل في استبداد سياسي و فساد اقتصادي و خلقي ” .
لو حاسبنا أبو الفتوح هنا على قدر ما قال هو ، لقلنا له : أنه حسب المبدأ الديموقراطي ، فإن أبا الفتوح يتكلم باسم جماعة الإخوان و هم أقلية في مجتمعنا المصري ، و مع ذلك يتكلم كما لو كان أغلبية ، و يفعل جميع الإخوان فعله ليترسب في الأذهان بالتكرار ، أنهم ليسوا أقلية ، و أنهم ليسوا منشقين على شعبهم ، متمردين علي الحكومة القائمة ،و الأقلية كما قال هو لا تفرض رأيها على الأغلبية ، ناهيك عن كون هذه الجماعة أقلية خارجة على القانون و جماعة غير شرعية حسب قانوننا المدني .
و أن أبا الفتوح إذ يلزمنا بصفته كمفكر و حركي إسلامي إخواني ، فإنا نلزمه بهذا الإسلامية و أن يطبق على نفسه قوانين الشريعة الإسلامية ، لأن معارضته للنظام الحاكم هي تمرد على دين الإسلام نفسه الذي أمرنا بطاعة ولي الأمر ، و ” أطع الأمير و أن ضرب ظهرك و أخذ مالك ، و لو كان عبداً حبشياً فاسقاً فاجراً / أحاديث صحاح ” حرصاً على عدم الفتنة كما تؤكد المراجع السنية ، التي هي مراجع الإخوان بوصفهم وهابية حنبلية سنية ، فهو إما أن يعارض لكن بعد أن يخلع صفة الإسلامية عن سياسته و مواقفه ( حتى نصدقه ) و إما أن يتمسك بصفته الإسلامية و يصمت و لا يشارك في الفتنة لعن الله من أيقظها ( حتى نحترمه ) .
في دولتنا الحالية و التي أنشأها محمد علي كدولة حديثة ، يلزمك كي تتهم غيرك بالفساد أن تحصل على حكم قضائي يدين الفاسد أولاً ، و حديثه عن الفساد في الدولة الإسلامية يلزمه أولاً تقديم وثائقه و الحصول على حكم قضائي بذلك ، و إلا كان حسب الشريعة الإسلامية قاذفاً يستحق الجلد عارياً على ملأ من المسلمين . ثم عليه في المقابل أن يثبت هو نزاهة نفسه و جماعته كمدعين بالفساد على الحكومة ، و تقديم سيرة واضحة تحترم القانون و الأخلاق و القيم ، و هو كجماعة لا يتصف بمثل هذه السيرة بالمرة ، و صحيفة سوابقهم تمتلئ بألوان الجرائم أشكالاً و أنواعاً .
إذا تحدثنا لغة الإسلام فإن ما يراه من فساد اقتصادي في الدولة القائمة ، رآه عثمان حقاً له كخليفة ، و رآه العرب المصريون فساداً فقتلوه ، لأنه ليس في الإسلام قانون واضح يحمي المال العام ، لذلك فجريمة الاختلاس من المال العام تقع تحت شبهة المشاركة فيه ، فلا تصبح سرقة ، كذلك فإن سرقة سيارة ليست سرقة لأنها حسب الشرع سائبة كالبغال و الحمير ، و الإبل و الماعز التي ترعى سائبة ، أما سرقة الكاسيت الموجود بداخلها فهو جريمة سرقة تستحق القطع لأن الكاسيت كان في حرز مغلق . و لأنهم لا يعترفون بأن ذلك زمان يختلف في قيمه و شرائعه عن زماننا ، يسقطون في شراكهم اللفظية و الشرعية . نحن بالطبع ضد الاستبداد و الفساد الاقتصادي و الأخلاقي ، لكن أسوأ الفساد هو الانتهازية بالدين ضد الوطنية مما يبذر بذورالشقاق و الفتنة في المجتمع .
في جملة واحدة يقول أبو الفتوح نقيضين : ” هناك فساد أخلاقي و نحن ضد الخروج عن المبادئ الإسلامية ” . . . لأن تعريفهم للفساد غير تعريفنا اليوم للفساد ، فالمبادئ التي يقول إنها إسلامية ترى العبد الآبق كافراً حتى يرجع إلى مواليه ( حديث صحيح قام عليه فقه بكامله ) ، و مبادئنا تراه مناضلاً عظيماً في سبيل الحرية يستحق أن تقام له التماثيل في الميادين ، المبادئ التي يقول إنها إسلامية تبيح تجارة الرقيق و ركوب الجواري و التمثيل بالأحياء قطعاً و رجماً ، فتحت أي بند من مبادئ الأخلاق تقع هذه المبادئ الإسلامية ؟ أو ليس من حقنا كمسلمين ملتزمين أن نحصل على ملك اليمين ، و هو شرع شرعه ربنا و بنى عليه مفكرونا فقهاً كاملاً ؟ لماذا لا تعيدون إلينا الجواري كما فرضتم الحجاب ، تكافحون من أجل شئ ليس في شرعنا اسمه الدولة الإسلامية و لا تكافحون لتنفيذ شريعة الله في أرضه بعودة نظام العبودية . إنهم يرون نكاح ملك اليمين فضيلة و نراه نحن اليوم بمنطق عالمنا اغتصاب يعاقب عليه بالإعدام . يرون تعدد الزوجات فضيلة و لا نراه كذلك ، يرون السياحة و البنوك من فعل الشيطان الرجيم ، و نرى نحن بنوكه الإسلامية تمثيلية هزلية رخيصة يشارك فيها البنك و المودع لخداع الذات ، حيث يذهب كل المال إلى مساره الطبيعي الربوي في حركة الأموال العالمية .
أليس هذا تدليساً على الرب ؟ ثم ألا يشير إلى أننا أصبحنا ذهانيين ؟ نحن كليبراليين نرى سياحتنا وحدها كفيلة ببروز مصر إلى صدارة الأمم المحترمة إن أحسنا استخدامها كأكبر كنز أثري في العالم كله ، وفق تقنيات العصر و أساليبه ، و هم يرونها فسقاً و فجوراً و وثنية .
هم يرون أن قراءة الموظفين القرآن أثناء العمل فضيلة ( و إلاما فعلوها ) ، و نراها نحن تعطيلاً لمصالح العباد ، فهذه هي الرذيلة المرذولة و النطاعة المكروهة نفسها .
إن الفساد يعني الخروج على قاعدة أخلاقية أو قانونية وضعية كما يفهمه العلم الإنساني ، أو هو حسب الفهم الديني خروج على قاعدة شرعية دينية سماوية . فإذا قصد أبو الفتوح من الفساد جانبه الوضعي : كسياسات جمارك ، و بنوك ، وجنسية ، و ضريبة ، و محاكم إدارية ، و جنائية ، فإن جماعة الإخوان حسب هذه القوانين الوضعية هم أول الفساد ، لأنهم جماعة غير شرعية فسدت بخروجها على القانون الوضعي بوجودها رغماً عنه ، فسدت بإصدار صحف و نشرات دون تراخيص ، فسدت بشركات توظيف الأموال و نهب أموال الفقراء ، فسدت بغسيل الأموال بعد أن تم القبض مؤخراً على حوالي 135 شركة إخوانية تغسل الأموال القذرة الملوثة ، فسدت بجمع الأموال لتمويل جماعات الإرهاب الدولية ، فسدت باختراقها قواعد الاستثمار البنكي بما يدمر اقتصاد الوطن .
أما النوع الثاني من الفساد الذي يكون بالخروج على قاعدة دينية شرعية ، فإن شر الفساد في هذا النوع ليس بالخروج على القاعدة فقط ، بل ضربها بالحذاء علناً ، فقد ساهم الإخوان بالصمت و السكوت على تعطيل شرع الله فصمتوا على تحريم العقوبات البدنية ، و الرق ، و السبي ، و يعدوننا أنهم سيقطعون أيدينا إن شاء الله بالشريعة عندما يحكمون ! ! ألا يوجد بين الإخوان سارق واحد أو زاني واحد الآن لتطبقوا عليه شريعة الله ، التي تزعمون أنكم حراسها . . . . حتى يصدقكم المسلمون ؟ أم تنتظرون الوصول إلى حكمنا لتكونوا أنتم الحاكمين القاطعين . . . . و نحن المقطوعين ؟
***

يتابع القطب الإخواني عبد المنعم أبو الفتوح مبرراً فشل التجارب الإسلامية الحديثة في إقامة دول إسلامية قوية ، أو ديموقراطية ، بقوله : ” حسب المبدأ الديموقراطي . . ليس غريباً أن يفشل الإسلاميون هنا أو هناك مثل غيرهم ، فليس عيباً أن يفشل فصيل إسلامي فيأتي فصيل آخر ، لأن العبرة بالمبادئ و القيم و ليس بالبشر ، و ان الإخوان ليسوا كغيرهم من الفصائل التي تكفر المجتمع ” . و هو قول يعني أن المبادئ و القيم تقتصر على الإسلام و الإخوان باعتبارهم حماتة و المتحدثين باسمه ، و يعني أيضاً اعتراف الإخوان أنهم بشر يخطئون و يصيبون ، و في حال فشل فصيل في الحكم لا يعني فشلهم مطلقاً ، بل يمكن أن يأتي فصيل آخر و ينجح حسب المبدأ الديموقراطي ، ثم يميز بين فصيلة و بقية فصائل الإسلام السياسي بأن الإخوان ليسوا كغيرهم من الفصائل التي تكفر المجتمع ، و بذلك هم ليسوا ضد المجتمع و لا الديموقراطية ، و من ثم يحق لهم الانخراط في العملية السياسية .
إخواننا الإخوان لا يروننا دولة عمرها المؤسسي سياسياً و اقتصادياً و قيمياً و قانونياً يمتد لأكثر من عشرة آلاف عام إلى الوراء ، فهذا تاريخ يستحي منه الإخوان ، لأنه تاريخ قوم وثنيين و غير عرب و غير مسلمين ،لذلك لا تجد له آي ذكر في أدبياتهم بل و لا أي اعتبار ، باعتباره شئ غير موجود ، و باعتبار أن تاريخ مصر يبدأ مع وفود الجيوش العربية فاتحة لها ، مع ركوب أول عربي لأول إمرأة مصرية في العريش .
الإخوان لا يرون بأساً في إخضاعنا لعمليات تجريب و وضعنا حقل تجارب لجهلاء السياسة و أغبياء الاقتصاد ، و يعطون هذا الحق لأنفسهم بعد أن قصروا المبادئ و القيم على التجربة الإسلامية ، منكرين على البشرية كلها مبادئها و قيمها قبل الإسلام و بعد الإسلام ، بل و منكرين على الأنبياء السابقين أن يكون لهم مبادئ و قيم كما للتجربة الإسلامية .
القيمة التي يركز عليها الإخوان هذه الأيام هي الديموقراطية و الحريات ، و هو ما يجعل المسلم البسيط يتساءل ، إذا كانت الحريات كما نعرفها اليوم ، و إذا كانت الديموقراطية السياسية ، من قيم الإسلام و مبادئه ، و أن لها أسساً إسلامية في ديننا أياً كانت التسميات : شورى ، بيعة ، . . . ، فلماذا لم يطبقها أبو بكر أو عمر أو عثمان أو علي أو معاوية ، و هم كبار الصحابة و ملوك الإمبراطورية في عزها و مجدها ؟
إن الديموقراطية هي تداول السلطة بشكل سلمي ، فلماذا لا يذكر لنا أبو الفتوح خليفة واحداً تولى الحكم ديموقراطياً منذ ظهر الإسلام و حتى سقوط دولة طالبان غير مأسوف على شبابها . أو هل كان الولاة يتم اختيارهم من قبل أهالي الأقاليم ؟ إن هذا كلام يفضح تمسك أبو الفتوح و إخوانه بالفلسفة العربية للفتوحات التي لم تعرف للبشر حقوقاً و لا كرامة ، و تبعاً لها تحول الناس الأحرار في بلادهم بعد الفتوحات إلى عبيد و موالي و أهل ذمة و سبايا ، عليهم دفع الأموال للفاتحين ، و لا مساواة ، و لا أي حقوق . فشريعتنا تنص على عدم قتل المسلم بذمي ، فلا يلزمه سوى الدية بل و نصف دية المسلم ، يعني العربي يقتل عشرة ذميين و يدفع قيمتهم ، هذه هي المبادئ و القيم التي تخبرنا بها التجربة الإسلامية و شرائع الإسلام . إنها فلسفة السيد المالك و العبد المملوك ، كلام أبو الفتوح فلسفة تحمل بداخلها و تستبطن الاحتقار العربي القديم للمفتوحين و لكن في صورة حديثة ، ألا تراه لا يجد مانعاً مطلقاً من جعلنا فئران تجارب لورثة السيادة العربية، يفشل فصيل فيأتي غيره ؟
ثم ألا ترون تكلم أبي الفتوح و إخوانه عن دولة إسلامية عتيقة بدائية برطانة الدولة القومية المعاصرة ، يحدثوننا عن الحرية و المساواة و الديموقراطية و المدنية ، و هو ما يعني أن الإخوان يكتشفون لنا اليوم مشروعاً إسلامياً للحكم بعد مرور أربعة عشر قرناً و ثلث قرن على ظهور الإسلام ! !
أين كان المسلمون يوم دخلت أوروبا عصر النهضة و التنوير لتبدأ على الأرض العصر الصناعي و زمن الديموقراطية ؟ أين كانوا و ماذا غيبهم عن حضور هذا المشروع و المساهمة فيه والإستفادة منه ؟
و إذا كان من غير الغريب أن يفشل الإسلاميون في الحكم ، فلماذا نتحمل هؤلاء الفشلة بعد مرور أربعة عشر قرناّ و ثلث القرن من الفشل المتواصل ، في إقامة العدل و الحرية و المساواة و إحقاق حقوق الإنسان و كرامة بني آدم ؟ لماذا نتحمل هؤلاء و أمامنا ما هو مؤكد النجاح في بلاد الغرب الحر ، أو لنطل في المنور المجاور فقط !! .
إن أسلوب أبي الفتوح إضافة لكذبه على الذات و على المسلمين و تضمنه حديث السيد للرعية ، فهو أسلوب خال من الذوق ، و خال من المسئولية .
فهو يتضمن ازدراء و استهانة بنا و بأمتنا المصرية التي تحضرت من فجر البشرية ، محققة سبقها بلا منازع أو زاعم ، إن نصوص هذه الحضارة سجلتها الكتب المقدسة جميعاً ، إن فجر الضمير الأخلاقي القيمي كان هناك على اتفاق بين المؤرخين .
حديثه عن فشل فصيل ليأتي فصيل يعني تناوب الفشلة على حكمنا ، و هو حديث بدوي بدائي يتهاون في مخاطبة أهله و ناسه ، فيخاطبهم خطاب السيد للرعية ، و هم أهل الدولة و أصحابها و أول من وضع لها في التاريخ نظام مؤسساتي هرمي بيروقراطي من عشرات القرون .
إن قوله أن العبرة بالمبادئ و القيم التي هم حراسها ، يعني أننا قبل الغزو العربي الاستيطاني لم نكن نعرف الضمير أو الأخلاق أو القيم أو البعث و الحساب ، و كلها مدونات مصرية قديمة محفورة في مختلف متاحف العالم ، عرفنا المساواة مبكرين لأنه لم يكن عندنا فقه حنفي أو حنبلي في أصول العبودية و نكاح السبايا و مفاخذة الرضيعة ، فلم يكن عندنا حر و لا مملوك و لا ذمي و لا جارية و لا أم ولد ، كانت حرية العبادة مكفولة لكل مواطن ، و في دولتنا المسلمة الحالية و كما يرى أبو الفتوح ، فإن حرية العبادة مفقودة ، كما هي مفقودة في مشروع الإخوان البديل لحكمنا كعبيد لورثة الفاتحين .
و في إنكار أن يكون الإخوان كبقية الفرق ممن يكفرون المجتمع ، و استنكار لهذا التكفير ، يؤكد : أننا نحن الإخوان لسنا كبقية الفرق التي تكفر المجتمع .
إذن ماذا يعني اسمكم العلم ( الإخوان المسلمون ) ؟ ألا يعني أنكم الإخوان المسلمون ، و أننا و بقية شعب مصر المسلم الطيب من غير المسلمين ، يعني كلنا ( الإخوان الكافرين ) ؟ ! أليس أسمكم وحده تكفيراً علنياً واضحاً لكل شعب مصر ؟
اللهو الخفي في مضامين كلام أبي الفتوح ، أنه يرى أنهم عندما يصلون إلى السلطة فلن يكون هناك أحزاباً أخرى تخوض المعركة الديموقراطية للوصول إلى الحكم ، لأنه كما قال في فلتة لسانية : ” ليس غريباً أن يفشل فصيل إسلامي فيأتي فصيل آخر ” ، و المعنى إنهم عندما يصلون إلى الحكم سيكون تداول السلطة بين الفصائل الإسلامية وحدها . يفشل فصيل فيأتي فصيل ، هذا كلامه هو و ليس كلام غيره .
هل تسمعون يا أهل مصر ؟ هل ترون إلى أين يأخذكم الإخوان ؟
***
تتالى فلتات القطب الإخواني عبد المنعم أبو الفتوح اللسانية و تتكاثر و هو يقول : ” نحن ضد الخروج على المبادئ الإسلامية ، و ضد الاستبداد السياسي في العالم الإسلامي ، و نحن مع الإرادة الشعبية الحرة و الحريات ، و مع أن الدولة مدنية و ليست دينية ، فيحكمها المدنيون المتخصصون في مختلف النواحي ؛ إلا أنها إسلامية في شتى المناحي ” .
بداية حتى نفهم أبا الفتوح نتساءل : هل يشير إلينا أين هي الإرادة الشعبية في فقهنا ، و أين هي الدولة المدنية في الحديث النبوي ، و أين هي الحريات في تاريخ الخلافة كلها راشدة أو غير راشدة ؟ أين سورة الدولة المدنية في القرآن ؟ أين آية الدستور ؟ أليستا أهم من الفيل و البقرة و النمل و الجن ؟ إذا كانت الدولة مدنية أو غير مدنية ضمن اهتمامات الإسلام ، فلماذا لم يتنزل وحياً سورة الإرادة الشعبية ، لماذا ليس لدينا باب في صحاح الأحاديث بعنوان حقوق الإنسان مثله مثل باب النكاح ؟ إن إخواننا الإخوان يفرشون بيتنا العتيق المسكون بالأشباح و الإخوان و الغيلان ، من أحدث بيوت الخبرة السياسية العالمية ، من بيت فولتير و جان جاك روسو و مونتسكيو ، من مبادئ الثورة الفرنسية ، ومن قيم الأمم المتحدة ، و هي مبادئ و قيم لم تكن موجودة في قاموس البشرية كلها قبل ظهور أصحابها .
و ضمن انتصارات جماعة الإخوان غير المشرفة لاستخدامها أساليب صراع غير نظيفة ، هو تمكنها من تزييف وعي الناس بهدف خلق وعي مزيف و رأي عام مصنوع ملعوب فيه ، فئوي ، طائفي ، رأي عام لا يعبر عن الصالح العام ، بينما الصالح العام هو الغرض النهائي للعملية الديموقراطية برمتها ، فإن لم يعبر الرأي العام عن الصالح العام تكون اللعبة كلها مزيفة ، و على مثل هذا الرأي العام الفاقد الوعي بصالحه العام يراهن الإخوان . لقد تمكن الإخوان عبر أجهزة الدولة الإعلامية جميعاً من عقل الناس و تزييف وعيه ضد مصالحه ، من أجل مكاسب فئات بعينها على حساب الوطن كله بناسه و أرضه و تاريخه و مستقبله ، إنها جريمة إبادة شاملة لوعي الإنسان بمصالحه ليكون إنساناً حراً غير مسير ، هي إبادة أجيال بكاملها بخطب منبرية ، فيتحول المسلم في لحظة إلى وحش كاسر ضد أشقاء الوطن لأن رساماً بالدانمرك تكلم بالسوءعن النبي . و هذا الكاسر هو الإنسان الجاهل المتخلف العاري الحافي الجائع المريض ، و مع ذلك كله يسير مهموماً بفلسطين و العراق و يتظاهر ضد أمريكا ، و لا يتظاهر ضد الفقر و الجهل و المرض و الاستبداد و ثراء السادة الفاحش و السفيه من ( سلاطين و فقهاء و راقصات ) ، على حساب باقي بني الله في الوطن . المأساة أن ما يحدث بين الحكومة و الإخوان من مظاهر اختلاف خادعة ، لا يخفي مدى الاتفاق على الكذب على الناس و تبرير كل فساد ممكن عند الطرفين ، و تزييف الدين و هم يقدمونه للناس على اتفاق بينهما ، بذات المنطق الذي حكمت به الخلافة عبر تاريخها الطويل ، تاريخ لم يعنيه يوماً الصالح العام ، بل صالح الحاكمين و الملتحقين بهم و على رأسهم المشتغلين بالدين على المواطنين .
إن أبا الفتوح يطرح علينا نظاماً إسلامياً لدولة الإخوان المرتجاه ، فهلا أشار لنا أين توجد هذه الدولة في إسلامنا ، فقهاً أو حديثاً أو قرآناً أو سيرة أو حتى شعراً ؟ الموجود في كل هذه المصادر نظام عقابي لا نظام قانوني حقوقي ، الموجود لدينا فقه عبودية و جهاد و حرب و سبي و جزية و تقطيع أوصال البشر أحياء ، نظام عقابي انتقامي لا نظام تهذيبي تأديبي .
و هو حين يطرح هذا النظام الإسلامي لدولته ، يقدم لها المبررات ، موضحاً أنها صلب الإسلام و جوهره المتين ، فلا يجد بعد جهد و لأي سوى القول : ” الإسلام كدين مختلف عن الأديان التي سبقته مثل المسيحية ، فالمسيحية كانت تعلن أن ما لله لله و ما لقيصر لقيصر ، و أعلنت بوضوح أنها لا دخل لها في أمور دنيا الناس ، و بالتالي لا علاقة لها بالسياسة و الاقتصاد ، لكن حين جاء الإسلام و كان النبي ( ص ) إلى جانب أنه نبي مرسل كان قائد دولة ، و لأن النبي و الصحابة من بعده كانوا إلى جانب أنهم دعاة و أصحاب عقيدة كانوا حكاماً ، و لا يوجد حكم دون أفكار مرجعية و توجه و إدراك سياسي ” .
و هذا كلام يحتاج إلى وقفة طويلة تحاول الترتيب و الفهم و إعادة التفسير ، فمثلاً مما هو بحاجة إلى إعادة تفسير ، لأنه يحتمل فهماً آخر ، هو إعلان المسيح ترك ما لله لله و إعطاء ما لقيصر لقيصر .
إن تفسيراً آخر سيرى المسيح يريد بهذا المبدأ طمأنة الروم على فلوسهم و أملاكهم مما ينشئ هدنة سلامية بين الطرفين . و حين فعل ذلك فإنه قد جعل نفسه اليد العليا و السلطة الموزعة للسلطات ، فهو من يقوم بتقسيم الأرزاق و توزيعها ، و توزيع السلطات أيضاً باعتباره ممثلاً للسلطة الإلهية طالباً اعتراف الرومان بهذه السلطة . و هو ما حدث ، و لكن إلى حين . نذهب إلى صورة أخرى تبدو مطابقة لهذه الصورة في الإسلام ، فقد بدأ الإسلام في الزمن المكي بهدنة سلامية بطمأنة مكة و ملئها على مصالحهم و مالهم و تجارتهم ، و اعتبر القرآن النبي نفسه مجرد مبلغ نذير لا يملك أى سلطان عليهم ، و بعد الهجرة إلى يثرب و قوة عود الدعوة ، جاء النسخ في الوحي لتلغي آيات الحرب و السيف كل آيات الهدنة السلامية جميعا ، لأنه من حق صاحب القرار العودة عن قراره ، فجاء النسخ في القرآن في السور المدنية بالمواجهة العسكرية ، و هو ما حدث في المسيحية عندما أصبحت الكنيسة هي صاحبة اليد العليا حتى على الملوك و القياصرة .
إن مثل تلك الأمثال تشير إلى عقل قروسطي يريد ان يعود بنا إلى القرون الوسطى الظلماء . كلاهما أباح مؤقتاً أن تؤخذ الدنيا منه مؤقتاً في شكل هدنة سلامية تضمر الرجوع عن القرار ، فأخذ كلاهما الدنيا و الآخرة عندما تمكن . في الإسلام بدا ذلك واضحاً في إعطاء النبي للمؤلفة قلوبهم و حرمان الأنصار أصحاب الإنتصار على المؤلفة قلوبهم ، و الخليفة عمر كان يوزع حسب منازل و درجات العرب ما يأتي به جيش الفتوح ، و المعنى أن الإخوان عندما يحكموننا هم من سيقوم بتوزيع الأرزاق . و النظام الاقتصادي الإسلامي لا يعرف ملكية أرض لأهلها المقيمين عليها ، لأنها جميعاً وقف على العرب الفاتحين حسب القرار العمري الأشهر .
أما قول أبي الفتوح أن النبي و الصحابة كانوا حكاماً ، و أن ذلك دليلاً على وجود الدولة بل هو مرجعية و إدراك سياسي للدولة ، يفوته أن الدول أصناف ، منها ما هو في حال الابتداء الأول و منها ما أقام المؤسسات و القانون مثل أثينا و روما و بابل ، منها جزر القمر و منها أيضاً أمريكا ، و منها دولة يثرب و منها أيضاً دولة خفرع . و الثابت تاريخياً أن هذه الدول قد قامت قبل الإسلام بعضها بألوف السنين و بعضها بقرون طوال . و الثابت تاريخياً أنه عندما قامت إمبراطورية الإسلام و استولت على الدول المجاورة ، استولت أيضاً على أساليب الحكم القائمة فيها من ألوف السنين ، استولت على ماكينة بيروقراطية لا تتوقف بسبب تغير الحكام ، علقوا فقط عليها يافطة العروبة و الإسلام .
الدول كما يعرفها التاريخ تحتاج ألوف السنين لتقوم و تحمل علمياً هذا الاسم ، تحتاج ألوف السنين لتصبح ذات حضارة ، كالصين و سورها العظيم ، و مصر و معابدها و أهرامها و دولتها الواحدة دون تبدل مليمتر واحد منذ مينا موحد القطرين ، و بابل و حدائقها المعلقة ، و فينيقيا و فتوحها البحرية و الأبجدية . و من يصنع الدولة هم مواطنوها و أهلها و ليس دين من الأديان بعينه ، و إلا ما قامت دولة أو حضارة مما تمت الإشارة إليه من هنيهات ، كان الدين أحد المحاور لكنه كان سمحاً لدرجة التعددية المفرطة ، مما خلق تعددية بشرية مماثلة متسامحة متحابة تجمعها حدود دائمة إسمها الوطن ، و يعيشون في ظل نظام اجتماعي سياسي تعارفوا عليه إسمه الدولة .
الدولة لا تنشأ بقرار ، الدولة الوحيدة التي نشأت بقرار هي إسرائيل ، و مثلها تلك التي يطلبها الإخوان ، نفس منهج التفكير البدوي ، أليسا بني عمومة ؟ ! إنهم يقومون بإعادة إحياء تاريخهم القديم بخطف الدولة و تعليق يافطة الإسلام عليها ، و إلا فليبرزوا لنا برنامجاً وطنياً واحداً . ليس لديهم شئ ، كل ما يريدون هو الكرسي الأعظم في الوطن .
بيشتغلوا بالمقلوب ، فيستنتج أبو الفتوح من كون النبي و صحابته كانوا حكاما إذن فهم كانوا حكاماً على دولة ؟ إن رئيس العصابة حاكم ، و أى مجتمع بشري بحاجة لقيادة حاكمة ، و لكن ليس كل مجتمع له حاكم هو دولة بالضرورة ؛ و لو كان عمر لديه نظام دولة فلماذا أخذ بأنظمة الفرس و الروم ؟
يوجد في العالم ست مليار إنسان لا ينكرون عجيبة الهرم و لا فلسفة أرسطو و لا نظام رمسيس ، لكن 3 مليار ينكرون يسوع ، و خمسة مليار ينكرون محمداً ، بينما منتج اليونان الديموقراطي و منتج الروم القانوني مقبول من الست مليار بنسبة مئة بالمئة ، كل الناس أخذت به و لم تأخذ جميعها من أي دين أى شئ له شأن .
أى مرجعية تلك التي يحدثنا عنها أبو الفتوح ؟ أى حضارة مرجعية يستند إليها اليوم ؟ حضارة حكي و حواديت و فخر و هجاء فاضي ، كانوا عالم فاضية ، اليوم قد أصبح الوقت بالفعل من ذهب ، و كالسيف حقاً إن لم تقطعه قطعك إرباً ، بل مزقك شر ممزقً ، و هو فارق الزمن بيننا وبين من حققوا وجودهم الحضاري المتفوق في العالم .
لذلك في الدولة بمعنى الدولة كان الفرعون من فجر التاريخ لا يعطي شعبه فرصة البداوة و انتظار نضوج المحصول في استرخاء بليد غير منتج ، فكانت فترة انتظار الحصاد هي فترة الأعمال المعمارية الكبرى في مصر القديمة . بمناسبة حضارتكم و دولتكم : أين هرمكم يا أبا الفتوح ؟
المصري القديم بني المسلات بدون مساعدة إبراهيم العبراني و معه الملائكة تساعده في بناء الكعبة . و في زمن الإمبراطورية العربية فإن عاصمه الإمبراطورية الإسلامية تركت البداوة و تحركت نحو الحضارة ، فاستقرت في بغداد و دمشق و القاهرة .
كانت هذه دولتنا المصرية قائمة قبل غزو العرب الإستيطاني لها ، و كانت قائمة قبل ظهور الإخوان ، فهل عندما يتم تغيير سائق السيارة ، يأتي السائق الجديد و يقول : ” أنا من صنع السيارة ؟ ! ” إن السائق المرشح للقيادة يعلن ذلك علينا في أكبر عملية سطو تاريخي علني لا يخجل مما يقول و لا يستحي ، يقول أنه صانع دولتنا المقبلة دون أن يقدم دليلاً واحداً يشير إلى أن أحداً منهم يفهم أصلا ًمعنى دولة . أو عليه إذا اعتبر أن نبينا قد عمل دولة الإسلام ، أن يشير لنا أين نجد في التاريخ من صنع دولة مصر و دولة روسيا و دولة بريطانيا ، و إذا كان الدين يقيم دولاً فأين هي دولة الخضر ، و ذي الكفل ، و أليسع ، و ذي النون ؟ !
أما المفزع حقاً فهو ما وصل إليه الإخوان من حالة شيزوفرينيا ، فهم يطلبون دولة إسلامية صنعها الرسول ،ثم يقول لنا أبو الفتوح دون أن يرمش له جفن : ” إن الإسلام لا يسمح بدولة الفرد الواحد الذي يعمل قاضياً و رئيساً و مشرعاً ، إن هذا نظام قبلي يجوز في حكم القبائل لكنه لا يصح في حكم الدول ، و الشعوب أصبح تعدادها بالمليارات الآن ، و إن السلطة يجب توزيعها على السلطة التنفيذية و القضائية و التشريعية ” .
يا قوم : إن أبا الفتوح ينكر علنا معلوماً من الدين بالضرورة ، إنه ينكر على النبي أن يكون حاكماً فرداً في دولته ، فقد كان النبي حاكماً بنظام دولة الفرد الواحد الذي يعمل قاضياً و رئيساً و مشرعاً ، فكان هو النبي ، و هو الحاكم ، و هو القاضي ، و هو قائد الجيوش ، و هو موزع الغنائم ، و هو من يعقد العقود و العهود مع الدول الأخرى أو يفضها ، و يصفه أبو الفتوح بانه نظام قبلي يجوز في حكم القبائل لكنه لا يصح في حكم الدول ، و نحن معه مئة في المئة في ما وصل إليه ، لكنه أبدا ًلا يرى أن هذا النظام القبلي الذي لا يصح في حكم الدول كان هو نظام حكم الرسول و الراشدين من بعده ، و هو النظام الذي سيقيم على أساسه دولة الإخوان الإسلامية ؟ !!! . دولة لا تعرف تقسيم السلطات ، دولة نظام بدوي قبلي بدائي قدم له أبو الفتوح تعريفه لنا بنفسه ، تراهم و هم يأفكون علينا . . . . هل يفقهون ما يقولون ؟ ! ! !
***
نتابع الحوار الهام مع القطب الإخواني العلم عبد المنعم أبي الفتوح ، فالحوار مع الإخوان لا يمل رغم ملل ما يقولون و يرددون ، يقول أبو الفتوح : ” إن كل الشعارات التي رفعتها البشرية سواء الحرية أم احترام حقوق الإنسان أم العدالة هي نفسها مبادئ الإسلام ، إلا ان الإسلام يحول هذه المبادئ إلى دين يتعبد به الإنسان إلى ربه بالالتزام بهذه المبادئ ” .
هؤلاء القوم يكذبون و هم يعلمون أنهم و أيم الله لشر الكذابين ، و عندما يكذبون فيما يتعلق بمصير أمم و شعوب فإن هذا الكذب يكون جريمة خيانة عظمى للوطن و الناس و الأمة في صفقة مع الشياطين لا تستحي و لا تخزى ، و عندما يكذبون بالدين و على الدين فعلينا فوراً أن نفهم أن الدين ليس غرضاً لهم بالمرة ، بل هي شهوة السيادة والسلطان وحدها .
و الآن لنكشف معاً هذا الكذوب الشرير على أمته و ناسه و دينه و مستقبل بلاده ، و لننشر له زيفه على الملأ بادئين بسؤاله : إذا كانت شعارات الإنسانية كالحرية و حقوق الإنسان و العدالة ، كانت معروفة كمبادئ للإسلام ، قبل أن تعرفها البشرية بقرون طوال ، فهلا قدم لنا شيئاً من القرآن أو السنة يؤكد هذا الذي قال . الحرية في الإسلام هي ألا تكون عبداً تباع و تشترى ليس أكثر و لا أبعد من ذلك مليمتراً واحداً ، أو ليرد علينا بالفقه و الشريعة و الحديث و القرآن ما نقول هنا إن استطاع ، و لن يستطيع لأننا مع قارئنا لا نقول إلا صدقاً و لا نفتري كذباً لأننا لا نرتزق و لا نريد سلطانا ، و لأننا نسكر حباً بهذا الوطن و ناسه ، و لا نقف إلا على أرض صلبة من المراجع و المصادر الأمهات ، أما هم فيكذبون و يقبضون طوال الوقت دونما سند من حديث أو قرآن أو شرع أو فقه .
أي حقوق إنسان ضمن مبادئ الإسلام ؟ إن حقوق الإنسان هي آخر ما وصلت إليه البشرية في رقيها الأخلاقي بعد حروب طاحنة ، أوجبت التواضع بين البشرية على مبادئ حقوقية مقدسة للإنسان أياً كان لونه او دينه أو جنسه ، و هو مادفع الدولة المدنية إلى مزيد من الحريات و الانطلاق الفكري و العلمي إلى أقصاه ، و لم يتم ذلك إلا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية و إقرار مواثيق جنيف و قيام هيئة الأمم المتحدة .
إن القول بحقوق إنسان ، يفترض مساواة تامة و مطلقة بين أفراد المجتمع دون تمييز بينهم لأي سبب أرضي أو سماوي ، لا بسبب عنصر ، و لا طائفة ، و لا دين ، و لا جنس ، إنما يتميزون بالحقوق المتساوية لأنهم بشر يستحقون هذا المستوى الحقوقي الواضح الراقي غير الملتبس .
هذا بينما المساواة مسألة لا وجود لها بالمطلق في إسلامنا ، فإسلامنا يفرق أولاً بين المسلم و غير المسلم في البلد الواحد و لكل منهما حقوقاً و واجبات غير الآخر ، و يفرق بين السيد و العبد ، و بين العربي الحاكم السيد و بين المحكومين ، إن كانوا من غير العرب فهم : إما أهل ذمة أو موالي و هم من أسلم منهم ، و الموالي هم العبيد ، و أهل الذمة أدنى منهم درجة ، و بين الرجل و المرأة ، و بين القرشي و بقية العرب ، و بين المضري و الحضري ، و بين العدناني و القحطاني ، لكل حقوق واجبات غير الآخر ، فالحر بالحر ، و العبد بالعبد ، و الأنثى بالأنثى ، و قد قسم الخليفة عمر الأعطيات القادمة من البلاد المفتوحة على العرب ، بعد أن كلف هيئة من النسابة تضع الناس في منازلهم رتباً ، فالمهاجرين غير الأنصار ، و أهل بدر غير بقية المسلمين ، و كذلك آل البيت ، و الهاشمي غير كل قرشي ، و المرأة غير الرجل ، فكان نصيب كل منهم حسب رتبته يختلف عن نصيب و حقوق الفئة الأخرى .
كان هناك إفراط في التراتبية الطبقية في وضع الناس رتباً و منازلاً و طبقات و بيوتاً ، و من ثم لا يصح الحديث عن أسنان المشط سوى بحسبانها لوناً من الكلام الجميل الذي لم يجد طريقة إلى الواقع و لو مرة ، و دون مساواة لا مجال للحديث عن حقوق إنسان . لقد كانت دولة الخلافة دولة من لهم كل الحقوق يحكمون من عليهم كل الواجبات ! !
و هل من حقوق الإنسان و من معاني الحرية ، الاتجار في البشر و استعبادهم في الحروب ، و ركوب نساء المهزوم و هتك عرض غير المسلم ، و ترى هل يتعبد أبو الفتوح و إخوانه لربهم بمثل هذه المبادئ ؟
المهم يختمها عبد المنعم أبو الفتوح بشرح مطول لقول حسن البنا : ” أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم علي أرضكم ” ، و يظل يشرح و يفصل كما لو كان بصدد شرح نص قدسي ، حتى تكاد تفهم أن أرضنا اليوم ليس فيها دولة ، و أن على الجميع تهيئة هذه الأرض لقيام الدولة .
إذا لم يكن القول : ” أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم ، تقم على أرضكم ” آية قرآنية و لم يكن حديثاً نبوياً ، فكيف جاز لأبي الفتوح أن يبني عليه كل شروحه تهيئة لدولته المنتظرة و التي يصفها بأنها إسلامية ؟ فإذا كانت إسلامية و كانت دولة فلماذا لم يقلها الله ولا نبيه و لا حتى أحد من صحابته و لا تابعيه و لا تابعي تابعيه .
أم ذلك كان سهواً من القرآن و الحديث و جاء الإخوان ليتداركوه ، و هل احتاج هذا التدارك مرور أربعة عشر قرناً و ثلث القرن ؟ أم هو دين جديد ؟ لو كانت” أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم ، تقم على أرضكم ” من الإسلام لقالها الرسول ، لو كان الإسلام منشغولاً بدولة لقالها القرآن ، أو أن نفترض أن أبا الفتوح و الإخوان بيعرفوا إسلام أحسن من ربنا و النبي .
إن النبي لو قال هذه العبارة لأنفض المولد من زمان ، كل المسلمين كانوا سيطيعون و يسمعون الكلام . لا كان ظهر لنا طه حسين و لا الشيخ على عبد الرزاق ، لأنه لن يكون هناك فصال في المسألة بعد تقريرها ديناً .
و لا يوهمنك قول أحدهم أن موضوع الدولة و نظام الحكم و الحريات و المساواة و حقوق الإنسان كانت متضمنة في الآيات أو السنة ، لأنها ليست مسائل بسيطة أو هينة يشار إليها بالتورية الضمنية ، فهذا مصير شعوب و أمم و دول و أوطان ، لابد أن يكون الحديث بشأنه واضحاً قاطعاً لا يحمل أي التباس أو كناية أو إستعارة .
و إذا كان الإسلام قد اهتم بنظافة المسلم حتى علمه الاستنجاء و عد لذلك ثلاثة أحجار ذات صفات ثلاث فيجب أن تكون قالعة نظيفة طاهرة ، إذن لقال أن عدد اعضاء مجلس الشعب كذا ، لو كان ذلك ضمن اهتماماته كدين ، أم أن الدولة و نظام الحكم و السياسة أقل أهمية من طريقة تنظيف المؤخرة بعد التغوط ؟
إنهم يقيمون لنا ديناً جديداً و مقدساً جديداً ، الفاتحة فيه : ” أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم ، تقم على أرضكم ” ، و قصار السور فيه : ” الإسلام هو الحل ” ، و يريدون أن يحكموا بالقرآن و السنة بينما القرآن و السنة ليس فيهما شئ عن الحكم و الحكومات ، لذلك يضيفون إلى القرآن و السنة ملحقاً هو ” أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم ، تقم على أرضكم ” . أليس ذلك الفعل مثله مثل فعل مسيلمة الكذاب سيئ الذكر ؟ أم تراهم مسيخ آخر الزمان الدجال ؟
إن دولتنا موجودة منذ عشرة آلاف عام و هم يريدون إقامتها اليوم ، يريدون إضافة القطع و الرجم ، رغم أنهم لم يقطعوا يد واحد إخوانجي حتى اليوم ؟ أليس بينكم لص واحد تفعلون فيه الشريعة يا أبا الفتوح لتثبتوا للناس صدقكم مع أنفسكم أولاً ؟ ، و ماذا عن شركات توظيف الأموال و ماذا عن غسيل الأموال القذرة ؟ أم تريدون تطبيق الشرع علينا دونكم ؟
إن إخواننا الإخوان كذابين شر الكذب ، يتكلمون عن الشرف و لا يتراجعوا عن هتك عرض العدو ، يتكلمون عن الحرية و لا يتراجعون عن فقه العبودية ، يتكلمون عن التسامح و يسمون غيرهم كفاراً و أوطانهم ديار حرب ، يتحدثون عن حقوق الإنسان و يبيحون العدوان على الغير و سلبه و أسره لمن استطاع إليه سبيلا ، يتكلمون عن اقتصاد إسلامي غير ربوي و يبيحون الاستيلاء على كل ما يملك المهزوم فلا يبقى لديه مال حتى يرابي به ، اقتصاد خراجي ، أي اقتصاد خرابي ، فاقتصاد بدون بنوك تعمل وفق الماكينة الدولية للاقتصاد العالمي هو خراب عاجل .
هذا ما يعرضه علينا الإخوان أن نعود عبيداً في دولة خلافة خراجية ، مجتمعها رتب و منازل و طوائف و ملل و نحل و طبقات لا يحكمهم حق واحد ، لأن الحق عندهم هم ليس واحداً ، رغم إعلانهم الدائم الدائب أن الحق واحد .
ألا ترون مدى كذبهم في قولهم بحق واحد . . . . . مع تعددية في الحقوق لا تأتألف و لا تلتقي أبداً ؟

د. سيد القمني

2007 / 8 /22

#سيد_القمني (هاشتاغ)

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *