الحكومة المدنية الإسلامية أخيرا وبعد طول انتظار !!

المفكر المصري العظيم د. سيد القمني

الحكومة المدنية الإسلامية أخيرا وبعد طول انتظار !!

أكد الدكتور عصام العريان في وفد 12/4/2005 أنه ” ليس في منهاج الإخوان إقامة دولة دينية أو حكومة دينية ، بل منهجهم يقوم على إقامة حكومة ودولة مدنية ، يتساوون فيها الحقوق والواجبات التي يضمنها الدستور ومرجعيتها الإسلام الذي هو عقيدة الأغلبية وثقافة وتراث وحضارة الجميع .. الإخوان يقولون بسلطة الأمة في تولية من تشاء وعزلة متى أرادات في انتخابات دورية نزيهة ” . ويقول أيضا في حوار على شبكة شفاف ” ما نتفق عليه نحن الإخوان هو أن الشعب من حقه أن يولي الحاكم وأن يحاسبه وان يعزله لفترات محددة ، وفصل السلطات الثلاثة في الدولة : التشريعية والقضائية والتنفيذية ، .. وأن حقوق الأفراد مكفولة بحكم الدستور .. وأن البناء الديمقراطي الإسلامي في الدولة الإسلامية يخضع لثقافة هذه المجتمعات الإسلامية .. لأن هناك سقفا لهذا المجتمع ، وثقافتة وشريعية الإسلامية هي التي يتحكم إليها ويحترمها كل أفراد المجتمع بما فيهم المسيحيين لأنها شريعة محترمة . أي لابد من وجود سقف لما هو الحلال والحرام في الدين وما هو الصواب والخطأ في القانون ، وهذا السقف .. يحدده الدستور ، وأن رئيس الدولة له صلاحيات محددة حسبما يتفق عليه الناس .. ” . هذا الحديث لشخص واحد وليس لأكثر من شخص ، وهو قيادي معلوم الشأن في جماعة الإخوان التي تهتز فرائص بعضهم له عندما تصيبة العصبية معلومة الشأن أيضا . ورغم أن الشخص واحد فإنه يحمل فيما قال من متناقضات ما يؤكد لنا أن الإخوان أبدا لا يقولون حقا ولا يعرفون صدقا وأن النوايا غير الطوايا وأن الطوايا غير الخفايا وأن المعلن غير كل هذا لكنة يحمل تناقضات تحملها النوايا والطوايا الخفايا ، وإذا كان المعلن كما سنثبت الآن يحمل شرا مستطيرا للدين وللوطن ، فما بالك وما هالك ، لو اطلعت على البواطن الخفية ؟ يقول العريان ليس في منهاج الإخوان إقامة دولة دينية لا حكومة دينية ، ثم هو نفسه وليس أحدا غيره يقول “إن البناء الديمقراطي الإسلامي في الدولة الإسلامية يخضع لثقافة هذه المجتمعات الإسلامية” فهل يا ترى أن الدولة الدينية والتي لا يريدون إقامتها لأنها (وحشه) تختلف عن الدولة الإسلامية التي يريدون إقامتها ؟ ماذا يكمن في أوكار الإخوان إذن ؟ يتحدث العريان عن منهجهم في إقامة دولة مدنية تقوم على المساواة في الحقوق والواجبات مرجعيتها الإسلام الذي هو حضارة جميع المصريين ؟ إن العريان بما يقول هنا قد خرج ليس فقط من جماعة الإخوان بل أعلن العصيان على الإسلام . لأن المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم أمر لا تعرفه الشريعة الإسلامية ، إنما تعرف المراتب والمنازل حفظا لقيم المجتمع ، ففيها السيد العربي وفيها المسلم المولي ، ولا يجوز شرعا المساواة بينهما ، وفيها السيد المسلم وفيها الذمي ، ولا يجوز شرعا المساواة بينهما ، وفيها السيد الرجل وتابعته محل متعته المرأة ، ولا يجوز شرعا المساواة بينهما ، وفيها السيد والعبد والسيد والأمة ولا يجوز شرعا المساواة بينهما ،ولكل من أطراف هذه المعادلة حقوق غير الآخر وواجبات غير الآخر ، بل أن السيد دوما كان هو صاحب الحقوق وغيره لا حقوق له . إن دولة الشريعة لا تساوي أبدا بين المواطنين ومن يقول بغير ذلك فقد أنكر معلوما من الدين بالضرورة ،… ها قد جاء الزمان وتقلبت بالإخوان انتهازيتهم لنقول لهم ما كانوا يقولونه لنا : ” أنتم تنكرون معلوما من الدين بالضرورة ” . بل أن المسلم العادي الحر في دولة الشريعة ليس له أيه حقوق إزاء السادة ، هي دولة من له كل الحقوق وليس عليه أي واجبات ، ومن عليه كل الواجبات وليس له أي حقوق ، لأنها دولة جباية ريعية ، وهذا هو طبعها التاريخي في كل دول العالم القديم . إن الفرد المسلم ليس له أن يطلب من الحكام سوى العدل حسب المنازل الاجتماعية وأن يطلب من المشايخ الفتوى ، أما عدا ذلك فهو ملزم بالأمر الواضح غير الملتبس ” إذا استعنت فاستعن بالله ، وإذا سألت فاسأل اللة ” ، فالفرد المسلم عليه واجبات للسادة ، وعليه محظورات وعليه حدود إن تخطاها عوقب بالشريعة . لكنه ليس له أي حقوق لأن حقوقه عند الله أما حقوق الحاكم من جزيه وفيىء وصدقات فعلية أداؤها فهي مطلوبة منه وليس من الله . فكل حقوق المسلم وحاجاته يطلبها من الله لا من الحاكم ولا من الفقية ، نص الحديث يستطرد : ” واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ” رواة الترمزي صحيح حسن . إذن حقوق المسلم في دولة الشريعة الإخوانية وحاجاته لا يطلبها من الحكومة إنما من الله ، وإن ما يقع عليه من ظلم وجور واضطهاد وانعدام مساواة وانعدام عدالة وطغيان واستبداد كله من عند الله لأنهم ما استطاعوا ضرك إلا بإذنه ؟ فعلى المسلمين قبول الضرر والأذى لكن عليهم دفع الزكاة والخراج، وحقوقك إن شاء الله عند الله . فكيف ستتساوى الحقوق في الدولة الإسلامية المدنية غير الدينية عند الإخوان ؟ أن التساوي عند العريان هو خضوع الجميع على قدم المساواة في الخضوع ، فهو يخضعنا سلفا وبافتراض غير قابل للنقاش أن الإسلام هو المرجعية للدولة لأنه عقيدة الأغلبية كذلك هو حضارة الجميع مسلم وغير مسلم ؟! ولا يلتفت العريان إلى استخدامه لمفردات باطلة لا معنى لها مطلقا ، مفترضا لها معنى يفرضه علينا ، كقوله : ” إن الإسلام حضارة الجميع ” ، لأن الإسلام ليس بحضارة فالحضارة منجز الإنسان ، أما الإسلام فهو منجز سماوي ، وفي مسألة الأقلية والأغلبية ، فما يقولة العريان هو الظلم عينه وانعدام المساواة الكامل ، بل إن دول الغرب الحر اليوم تتحسس مسألة الأقلية بشده وتبالغ في تكريمها وإعطائها حقوقا تفوق حقوق الأكثرية . المساواة إذن بخضوعنا مسلمين ومسيحيين وشيعه وملحدين لذات الشريعة ، الشريعة التي تفرق ليس بين المسلم وغير المسلم فقط ، إنما بين المسلم والمسلم حسب المراتب الاجتماعية التي قننها ونفذها عمر بن الخطاب في توزيع الخراج والفيئ والسبايا حسب منازل العرب . المساواة ستتم تحت ما يقول أنه ” سقف هذا المجتمع .. شريعة الإسلامية التي يحتكم إليها كل أفراد المجتمع بما فيهم المسيحيين لأنها شريعة محترمة ” .!! المساواة الأخوانية تطلب خضوع المسيحيين للشريعة الإسلامية لأنها شريعة محترمة (؟!) . وماذا عن الشريعة المسيحية ، وماذا عن غيرها من الشرائع ، هل كلها غير محترمة ؟ وماذا عن شريعة القانون الوضعي ؟ إنه يهين نصف الوطن ويترفع عليه بشريعته المحترمة التي تبرر له السيادة على الجميع ، فيتساوى الجميع في الدولة الإسلامية المدنية !! ولا يمر على المسلم هينا قول عريان : ” إن الشعب من حقه أن يولي الحاكم وأن يحاسبه وأن يعزله ” ثم يتذكر أنه ليس في الإسلام أى عزل للحاكم ، فيستطرد موضحا أن هذا العزل ” لفترات محددة ” يعني عزل تأديبي لمدة محددة يعود بعدها الحاكم ليحكم ؟! أي نظام هذا ؟ ومتى حدث في تاريخ الإسلام ؟ ومتى حدث أن قام الشعب بتولية الحاكم ؟ إن النموذج الراشدي نفسه يقول أن العرب لم يحضروا بيعة أبي بكر ولم يوافقوا عليها ، فشن عليهم أبو بكر حروب الردة ، ورفض الموافقة على هذه البيعة كبار الصحابة مثل علي والزبير العباس وغيرهم الذين اجتمعوا في بيت فاطمة ، فأمر أبو بكر عمرا أن يأتي بهم ليبايعوا ويعلنوا موافقتهم وقال له : ” إن أبوا فقاتلهم ” ، وحتى يخرجهم أخذ نار ليشعل عليهم البيت. هكذا كان ترشيح أول خليفة وهكذا كانت بيعته ؟ وهو من رشح عمر من بعده وليس الشعب ، ومن عارض تم قتله حتى لو كان صحابيا جليلا مثل سعد بن عبادة ، وعمر هو من رشح ستة من بعدة بشروط كانت لابد أن تفضي إلى خلافة عثمان ولم يكن الشعب حاضرا للمرة الثالثة .. ولم يحضر الشعب بعدها أبدا إلا لقتل الخليفة عثمان . وفي دولة الشريعة تم قتل الخلفاء الراشدين الأربعة بما فيهم أبي بكر في معظم الروايات التي تؤكد موته بالسم شهيدا ، ولا تعلم كيف يقتل الراشدين العادلين ؟! بعدلهم ؟! تعالوا نتذكر كيف حكم الراشدون وهم القدوة العليا للإخوان لنعلم كيف سيحكمنا الإخوان لا قدر الله . قامت دولة الراشدين على سلطة ضميرهم كصحابة ، وكانت هذه السلطة هي العمود الرئيسي لخلافتهم وأيضا للدولة . فلم يكن عندهم أي خبرات إدارية ولا سياسية ولا تنظيمية ولا رقابية ولا تشريعية بعد انقطاع الوحي . قامت الدولة على بركة الله وبركة المبشرين بالجنة لذلك لم تتمكن من حماية حكامها ، حتى تقاتل الصحابة صراعا على السلطان ؟ دون أن يستطيع أحدنا لومهم وهم أهل الجنة بقرار سماوي . فهل إخواننا الإخوان يصلحون لنا صلاحية الراشدين لزمانهم ؟ هل يصونون لنا أرواحنا عندما يحكمون اعتمادا على سلطة الضمير ؟ لأنهم حتى يحكموا إسلاميا سيحكموا بالشريعة كما أكد عريان من هنيهة ، وهو ما يحيل إلى سلطة الضمير التي انتهت بانتهاء الصحابة ، ولا يستطيع أحدنا اليوم أن يزعم امتلاكها . فهل يرى عريان نفسه كفؤا لأبي بكر أو عمر أو حتى عثمان ؟ وهلا يتذكر عريان أن دولة السلف الصالح التي يحلمون بها لم تستمر سوى ستة عقود فما أن ذهب الصحابة حتى ذهبت معهم دولتهم ؟ لأنها كانت قائمة على ضمير مبرر بصحبة الرسول وتأدبهم بأدبه ، وبذهابهم ذهبت معهم سلطة الصحابة وسلطة الضمير . إنهم يسمونها دولة وما كانت بدولة . الدولة لها آليات كانت تعرفها شعوب الحضارات حول الجزيرة من حدود جغرافية إلى هوية تاريخية ومجتمعية إلى قانون ونظام حكم وموارد ثابتة واقتصاد متين لا يعتمد على منتجات الحرب من جزية أو بيع بشر . بينما كانت دولة المدينة (تجاوزاً ) اتحادا فيدرالي للقبائل حرفتها جميعا الكر والفر ومهاجمة القوافل والدول الغنية المجاورة بالفتوحات . ولغياب آليات الدولة لإدارة هذه الرقعة الشاسعة تفككت الدولة وانتهت بمقتل جميع من حكمها. فإذا قال الإخوان إنهم يريدون هذا الشكل من الحكم فإننا نرفضهم فورا لأننا لسنا في حاجة إلى إعادة مرارة التجربة الأولى التي هي درس لنا للعظة ، وأن قالوا بالمساواة بين المواطنين وبالقانون وبالدستور وبهياكل إدارة الدولة ، فكله قول لا علاقة له بالإسلام ، وعليهم إعادة تسمية جماعتهم بما يوافق ما يطلقونه هذه الأيام من مفاهيم واصطلاحات محدثه مبتدعة إنسانية الصنع ، لا علاقة لها بأي دين من الأديان . أما ثالثة الأثافى في قول العريان فهي إيمان الإخوان بفصل السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية ، رغم أن المعلوم سنة عن رسول الله أنه قد جمع في يدية جميع السلطات فكان هو المشرع وهو القاضي وهو المنفذ وهو قائد الجيوش وهو من يوزع الأموال التي تأتي بها الغزوات ، بيده كل شأن تقريبا إلا في حالات شواذ نوادر قال فيها المسلم رأيا لخبرته فيه فتم الأخذ به . وعلى سنة الرسول سار الهداة الراشدون المهديون النعل حذوا النعل ، ، فمن أين آتى العريان للدولة الإسلامية بهذا التقسيم الكفري لينسبه للإسلام زورا وبهتان . وفي هذه الدولة المنتظر قيامها على يد الإخوان ضرورة تلازم وجود الفتوى إلى جوار القانون ، أو قل هي صائغة القانون وصانعته ، فهو يقول ” لابد من وجود سقف لما هو الحلال وما هو الحرام في الدين ، وما هو الصواب وما هو الخطأ في القانون ” ، ومادامت الدولة إسلامية فسيتم قياس القانون على النموذج الديني التشريعي ، وهو ما صرحت به مبادرتهم التي يعتبرونها برنامجهم ، وهو ما يعني في النهاية أن تكون السلطة بيد من يفتي ، أي بيد رجل دين ، أي دولة ثيوقراطية كاملة المواصفات . بينما ينكر العريان أنهم يريدون ذلك حقا ؟ إذن فماذا يريدون بالضبط ؟ ما هو القول الواضح بين كل هذا ؟ وأين غير المسلم هنا ؟ وما هو مصيره ؟ وهل تنازل الإخوان عن مشروعهم الطموح لإقامة دولة الخلافة العظمى باتحادهم العالمي واهدافه العلنية ؟ ثم ترى ما هو مصير المعارضة ؟ أعتقد أنهم سيعملون بالحديث النبوي كمصدر تشريع ، النبي قال بفرقة واحدة ليس أكثر ، ليس هناك فرقتين ناجيتين ، يعني لا معارضة ؟! يعني عندما يكون الإخوان خارج الحكم يكون لهم حق المعارضة باسم الإسلام ، وعندما يحكمونا لا قدر الله لن يكون لنا حق المعارضة أيضا باسم الإسلام لأنهم وحدهم الفرقة الناجية في الحالتين . وحتى لا يبدوا الرجل كذوبا على طول الخط فقد نمق الكلام ليقدم اعترافا غامضا غير فصيح فهو لا يريد اعترافا صادقا محترما ، بما حدث في تاريخ المسلمين من أهوال ومظالم كارثية ، فهو يقول : ” إن الفكر الإسلامي لم يعرف مفهوم الدولة الدينية رغم ما شاب التاريخ الإسلامي من مخالفات ، وهناك مخالفات لا يستطيع أحد أن ينكرها ، ولكن هذه المخالفات كان يتصدى لها علماء الدين الإسلامي ” . إن موقف العريان هنا يعري كل الإخوان من المصداقية والضمير الحي الصاحي الذي من صفاته إن علم بالظلم والكوارث فإنه يعلن بوضوح علمه بها ولا يخفيها ولا يخفف منها ولا يزوقها ولا يبررها ولا يسميها مخالفات ، إن الضمير الحي للسياسي المحترم يجب أن يكون واضح مباشر صادق حتى الصدمة ، معترفا بالخطأ كاملا محملا أياه أصحابه ونظرياتهم القديمة في الحكم ، أو محملا أياه للزمن القديم كله ولكل البشر في أزمان الاستبداد ، حتى نطمئن أنه قد غادر هذه المرحلة وهذا الفكر وذلك المكان وذلك الزمان إلى موقع جديد ، لكنه لا يطمئننا بل يزيد شكنا رسوخا وتأكيدا ، لأن التاريخ الإسلامي عندة شابتة مخالفات ، فما يشوب الشيء يحتمل معنى الاستثناء ، بينما كوارث واستبداد التاريخ الإسلامي لم تكن شائبة مؤقتة فيه ، إنما كانت هي القاعدة منذ فجره الأول . وفي استثناءات تعد على أصابع اليد الواحدة تجرأ بعض عمال الخلافة يطلب التخفيف في الجباية عن الناس ، وما سلموا عندها على الأقل من السب والترويع . لكنهم يجعلون هذه الاستثناءات هي القاعدة مما يشير إلى ضمير مخروم وحس معطوب وغير حي ، وهو عدم ذكاء راهنت عليه كثيرا في افتضاح شأن المتاجرين بالإسلام .. بأيديهم . أنظره يقول : ” ولم يحكم أحد من الحكام المسلمين بمقتضى ما يسمى الحق الإلهي مطلقا ” . هكذا “مطلقا” . إذن كيف نصدقهم ؟ ماذا عن قميص عثمان الذي ألبسه له الله ؟ وماذا عن المنصور وأنا الله والله أنا ، وماذا عن بيت المال الذي كان الخليفة عليه قفلا الهيا أن شاء فتحه وإن شاء قفلة ، وماذا عن كثير يؤكد غير ما يقول العريان ، فهلا يعلم العريان ؟ إن كان لا يعلم فلا يصح له أن يكون من الأخوان المسلمين ، وإن كان يعلم فهو يكذب علنا ويزور علنا لصالح دولته الإسلامية زيفا غير نظيف. أما النكتة الحقيقية فهي أن رجال الدين كانوا يتصدون للحكام من أجل عيون الرعية وهو ما لم يعرفه ليس فقط تاريخ الإسلام ، بل ولا تاريخ أي دين من الأديان ، لأن رجال الدين كانوا الحليف الأسوأ للاستبداد بطول التاريخ البشرى . وفي دولته المدنية الإسلامية المرتقبة يبشر العريان الأقباط بقوله : ” إن ضمان حقوق الأقباط سيكون في ظل الإسلام أكثر من عدم الالتزام بالإسلام ” . لكنه أيضا يعترف أن سيادة المسلمين وشريعتهم ستحدث خلافات ، والحل عنده في ” سيادة ثقافة التسامح “، يعني يتسامح المسيحيون مع المسلمين السادة ، ولهم الصبر والسلوان . أما الدليل عنده على تسامح المسلمين الحكام طوال العصر الماضي مع الأقباط ، فهو فى قولة : أن ” الأقباط يبلغون اليوم نحو 13 مليون نسمة ، فلو كان الإسلام يضطهد المسيحيين لكانت الآن مصر جميعها من المسلمين لإسلام المسيحيين أو لهجرتهم ” . أنظر إلى البرهان الساطع : المسيحيين عددهم النهاردة 13 مليون ، يعني لم تتم إبادتهم فالاضطهاد هو الإبادة وغير ذلك ليس اضطهادا . هذا بينما عندما يكون الحديث عن الحقوق فإن هذا العدد يهبط هبوطا حادا اضطراريا فيقول فهمي هويدي : ” وأكثر نسبة من المسيحيين في مصر . التي اصدرها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في أبريل 1987 وتشير إلى أن عددهم مليونان و 830 ألف / جدول 4 / ص 13″ ، يعني لو مارسوا الجماع ليل نهار لوصلوا اليوم لأربعة ملايين على الأكثر ؟ واحد سماوي (من السم) وواحد يرى عدم الاضطهاد هو عدم الإبادة الشاملة . ألا تصابون بالفجيعة إزاء هؤلاء ؟ يقول العريان بالمساواة مناقضا لشريعته ودينه وتاريخه ، ثم يقول بمسلم سيد على مسيحي بالضرورة ، رغم أن المساواة كمبدا لا تسقطها العنصرية الدينية والعرقية ولا اللون ولا الملة ولا أي صفة مميزة . بينما العريان لا يفترض ضمن مبدأ المساواة وقبوله بالتعددية إقامة حزب قبطي يمكنه أن ينجح وأن يحكم ، فهو يقول : ” إن هذا افتراض خيالي في بلد مثل مصر ، لأنه في ظل الدستور والقانون سيكون ذلك ضربا من الخيال ، فإذا تولى حزب إسلامي السلطة في ظل دستور يحكم بمقتضى الشريعة الإسلامية ، فكيف يأتي بعده حزب قبطي سيلغي هذا الدستور ، فالدستور سيكون إسلاميا وبالتالي لن يستطيع الحزب القبطي تولي السلطة إلا إذا ترك الناس الإسلام ” . أومع تمديد المنطق لمنتهاه ” إذا ترك المسيحيون دينهم إلى الإسلام؟ ” . العريان يفترض سلفا مسلمة مطلقة أن مواد الدستور الدينية لن تتغير وسيظل دستورا دينيا ، لأن ذلك هو المدخل للإخوان وأشباههم دوما إلى استخدام الدين في صراع السلطة ، لكن الإخوان مع تغيير مواد الدستور المتعلقة برئيس الجمهورية كي يستطيعوا المنافسة على الحكم ، وأما أين الدين الذي يزعمون أنهم رعاته وسدنته من هذا كله ؟ إبحث واخبرني . الدستور يجب أن يكون إسلاميا ويسمح لهم بإقامة حزب على أساس ديني ولا يسمح لفريق آخر من المواطنين بإقامة حزب ديني ، أرأيتم المساواة في دولة الإخوان المدنية الإسلامية ؟ هذا بينما أبسط مظاهر المساواة هي عدم تحيز الدستور إلى أي فئة من فئات المجتمع ولا لجماعة ولا لملة ولا لدين ولا لمذهب ولا لعرق حتى لا يخلق لأحدها ميزة تفضلها على باقي مكونات المجتمع . هذا بعض ما قال العريان وهناك البعض مازال يستحق المناقشة لنعرف إلى أين يأخذنا الإخوان .

د. سيد القمني
2007 / 2 / 8

#سيد_القمني (هاشتاغ)

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *