فلسفة القيم (3) دعوة مفتوحة لمناظرة قرضاوى
نحو اصلاح القيم (3) دعوة مفتوحة لمناظرة قرضاوى
قال قرضاوى، و هو يفلسف لقيام دولة الشريعة فى دولة بها ديانات أخرى ، بوجوب قبول الأقليات الدينية فى الدولة الإسلامية لتطبيق شريعة الإسلام، و برر هذا الوجوب بطرافة غير معهودة فيه، بأن ” الإنجيل لم يأتى بتشريع..إنما يعتمد على تشريعات التوراة ..يعتمدون على التشريعات الوضعية التى تأتيهم من أوروبا،الشريعة فريضة علينا نحن، فنحن نأخذ هذا على أنه دين، و المسيحيون كالأقباط فى مصر يأخذونه على أنه قانون ، كما قبلوا قانون نابليون أو القانون المستورد من أوروبا، لماذا لا يقبلون القانون من الإسلام؟ ثم أن الأحكام الشرعي هى بنت بيئتنا يعنى مش جايبنها من برة، هذه الأحكام صادرة من تراب هذه المنطقة/حلقة الدستور و مرجعية الشريعة/الجزيرة”.
حيرنا الشيخ معاه، هو مرة ضد أى فكرة عن مفهوم الوطن و تراب الأرض و المواطنة حتى أنه يصفها بالوثنية و أنها مدسوسة علينا من بلاد الغرب الكافر، ليعود ليؤكد أن شريعتنا الإسلامية تناسبنا مسلمين و مسيحين لسبب موضوعى هو أن هذه الشريعة بنت أرضنا و نبتت فى بلادنا؟ يعنى فيه وطن يا شيخ؟ لكن يبدو أن وطن قرضاوى هو السعودية و ليس مصر، لأن الشريعة ليست بنت مصر و لا هى فرز وادى مصر ، و لا هى بنت الرافدين و لا فرز بيئتهم، و لا هى بنت الشام و لا فرز بيئتها، انما هى جاءت إلى هذه البلاد وافدة عليها من بلاد الحجاز فيما قبل أربعة عشر قرنا من الزمان، جزء كبير منها يعالج مشاكل محلية بدوية قبلية تتعلق فقط بمكانها و زمانها ، مشاكل لم نعرفها و لم تعرفها بلاد الشام و لا بلاد العراق و لا بلاد فارس، و لا علاقة لنا بها،لاختلاف ظرف البيئات جغرافيا و طبوغرافيا و سكانيا و لغويا و تاريخيا و سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا، اختلافات كاملة المواصفات.كل شىء كان غير كل شىء، ثم تعال ياشيخ أفهمنا واشرح لنا : منذ متى تعتبرون المقدس فرز بيئة و ظرف اجتماعى و اقتصادى و جغرافي؟
عندما قال صاحب هذا القلم مثل هذا الكلام منذ حوالى خمسة عشر عاما أو يزيد ، قامت الدنيا و لم تقعد إلا بعد محاكمتى بتهمة ازدراء الأديان، فمالك اليوم يا شيخ و هذا السبيل الصعب الوعر، تتيه فيه فتخلط الحابل بالنابل و المقدس بالدينوى، ناسيا أو متناهيا أن الشريعة سماوية و ليست أرضية،و ليس فيها أى أكثرية أو أقلية و لا شورى و لا بيعة و لا ديمقراطية، فقد وضعها الله فى شكل أوامر و نواهى، و لم يستشر أحدا و هو يضعها و لا حتى أنبياءه، أما فى العلمانية فإن الناس على اختلاف مللهم يصطلحون على مايناسب مصالحهم من قوانين يخضع لها الجميع راغبا لا راغما.
المهم أن الشيخ لا يرى الأقباط سببا فى عدم تطبيق الشريعة حتى الآن، انما السبب هو “الذين يثيرون هذه الضجة أقلية هم العلمانيون،لأنهم يمتلكون المنابر الإعلامية و الأبواق الإعلامية/نفس الحلقة”.
كيف يمكنك أن ترد على قرضاوى هنا؟ إن الرجل يقولها و لا يطرف، بينما هو يعلم و الجميع يعلم حجم المساحة التى يحتلها التيار الاسلامى فى الإعلام أو التعليم ،و يعلم و الجميع يعلم ان العلمانيين مستبعدين من الاعلام و من الوصول الى الناس ، و مع ذلك يقول دون خشية من ملامة، فقد أصبح شخصا مقدسا يقول ما يعن له و لا يؤاخذه أحد ؟ و لا يقول له أحد عيب يا شيخ ؟ أو يرفع عليه قضية حسبه
إذا كان قرضاوى صادقا ، اذن فليسمح لشخصى الضعيف المتواضع بمنازلته فى لقاء حول دولته الاسلامية المرتقبة، فى قناته المفضلة التى يمتلك نصفها أو فى أى فضائية تناسبه، و ليحشد لى و يجهز و يرتب و له الاستعانة بصديق أو بمن يريد، و سأذهب مفردا لا أملك سوى فكرتى وحدها، و يقيني الوحيد أن الصدق منجاة و الكذب مهلكة. و لنطرح الأمر أمام الناس و لن نجد قاضيا نطمئن اليه و نحترم كلمة أفضل من هؤلاء الناس ، رغم ان قرضاوي يستنكر ان يكون الناس حكما فى مثل تلك الشئون ، و هو عالم انه يتحدث فيما يمس مصالح و مصير هؤلاء الناس ، لذلك اراهم من جانبى هم أفضل قاض يمكن الاحتكام إليه فى هذا الشأن. و رغم أن هؤلاء الناس قد تم تحشيدهم سلفا ضدى و ضد كل العلمانيين ملحدين و مؤمنين ، إلا انى كلى ثقة فى ثاقب نظرة الناس، لأنهم يستطيعون تمييز الطيب من الخبيث و الكذب من الصدق و نظافة الضمير من تشوهه، أسلحتى ستكون الحجة و البرهان و أدلتى الصدق و مبتغاى وجه البلاد و العباد ، فليحاججنى الشيخ اذن عيانا بيانا لننتهى من هذه المنطقة على الأقل , بحل نهائى يرضى كل الأطراف بهزيمة أحد الطرفين فى صراع فكرى محترم . حتى يمكن الانتقال بالمجتمع الى حلول لمشاكل أخرى، فنكون منتجين منجزين فاعلين. لننتقل من المشاكل الوهمية الى الحقيقية، بحل لا يصارع طواحين الهواء، ينتقل من الجدل البيزنطى الى الحسم و البناء على اسس سليمة تم التوافق عليها، أو بفوزيحسمه أحد الطرفين لصالح قضيته و رؤيته، و لا بأس هنا من مشاركة تفاعلية من مختلف الأطياف تغنى الحوار و تثرية ،و لتكن بداية لطرح مشاكلنا على طاولة مفتوحة على الناس نحو توافق اجتماعى متين.
نعود نتابع اصرار الشيخ على ما يقدمه من حلول لإصلاح شأننا المتردى، فيقولها واضحة جلية قاطعة فى جملة مفيدة موجزة “إن هذه المنطقة العربية لا تستكمل سيادتها و استقلالها إلا بالرجوع للشريعة الإسلامية”.
الشيخ يعود للمنطقة العربية التى هى من الأوثان كما سبق و وصفها ،ليخصصها فى حديثه بحسبانها ناقصة السيادة و الاستقلال، رغم أنها فى مجموعها دولا مستقلة عدا فلسطين ، و العراق بشكل مؤقت. فينشغل بهذا الوثن دون بقية بلاد المسلمين، و لا ينشغل بالناس فى تلك البلاد بقدر ماينشغل بالوثن نفسه، بالسيادة العربية المستقلة، بغض النظرعن حال عباد الله تحت سلطان تلك السيادة العربية المستقلة. المهم أنه لا يرى سبيلا لاستقلال الوثن العربى و استكمال سيادته الوثنية (الوطنية) ، إلا بتحكيم الشريعة الاسلامية فى رقاب الخلق(العرب دون بقية المسلمين فى بقاع الأرض) ما علينا، المهم هو ان سبيل السيادة و القوة هو تحكيم الشريعة فى أى حتة أرض ممكنة كخطوة نحو التمكين.
الشيخ و اخوانه لديهم دائما أداة الاستدراك (لكن) و أخواتها ، فيستدرك استدراكا مفزعا حقا فيقول:” لكن على أن تصاغ الشريعة صياغة جديدة “!!
لماذا يا شيخ؟
و كيف السبيل الى ذلك و هى شريعة من عند الله و ليست من عند العباد أى انها كلمة الله التى لا تقبل تبديلا و لا تعديلا كما تصر انت على إعلانه فى كل مناسبة ؟ و لا مجال فى الشريعة لكل أغانيكم عن الشورى و البيعة الديمقراطيتان، لأن الشريعة أوامر و نواهى لا شورى فيها لأحد و لا رأى لمخلوق، لذلك تسمى حدود الله , ويبدو أنها في نظركم قد اصابها العوار و العيوب، فأصبحت ليست بحاجة للتجديد أو الترقيع أو اعادة التفسير و التأويل ،انما هى و يالهول ماقال، بحاجة ” أن تصاغ صياغة جديدة “!! فأين يرى الشيخ هذه العيوب تحديدا ؟ هل هى فى احكام الرق ؟ أم تراها فى احكام الردة ؟ و ربما تكون في أحكام الحدود بالعقوبات البدنية كالجلد و القطع ؟ أو هى فى الأحكام الاسلامية بقياسها على مانفهمه اليوم من حقوق الانسان ؟ أم هى فى الخداع المسمى بنوك اسلامية ؟ أم هى فى الاقتصاد الإسلامى برمته ؟
الباب مفتوح اذن لكل الاحتمالات ، خاصة مع استطراده و هو يؤكد (إعادة الصياغة للشريعة) ، بقوله : إنها ستكون” صياغة جديدة تصوغها عقول تجعلها فى شكل نظريات ، و تجدد هذه الأحكام , هم فاهمين اننا نروح نجيب الأحكام القديمة كما هى و نطبقها ؟!! هذا لا نقوله ، و لا يقول به عاقل “!!
الشيخ اورد أكثر من قولة حق، فالشريعة الاسلامية غير مصاغة فى شكل منظومة نظرية قانونية متفق عليها حتى تاريخه، لذلك هى فى حاجة الى عقول تجعلها فى شكل نظريات. و الحقيقة الأخرى هى ثبات أحكام الشريعة القديمة و تكلس مفاصلها و جمودها دون تجديد طوال العصور الماضية. حتى وصل حال الشريعة الاسلامية الى درجة أن الشيخ وصف من يستدعيها اليوم بأنه مجنون مخبول معتوه ، فهذا ” لا يقول به عاقل “.
اذن
تعظيم سلام للجدعان!!
نحن مع هذا الفقيه المعتدل نجدنا بحاجة أولية و أساسية لصياغة الشريعة الاسلامية من جديد، حتى يمكن تطبيقها عند قيام دولة الاسلام فى الأرض. نحن بحاجة لاعادة صنع(صياغة)الشريعة، و تلك الصياغة ستقوم به عقول بشرية لا وجود فيها لوحى و لا مكان فيها لجبريل و لا قدسية فيها لقول و لا لرأى.
و اذا كان القول بتطبيق أحكام الشريعة الاسلامية على حالها القديم لا يقول به عاقل، اذن فإنه فى الدين كما سبق و قلت و أكرر هنا و نعيد و نزيد : أن فى الإسلام ماهو صالح لكل زمان و كل مكان كالتسامح و الغفران و المحبة..الخ، و منه ما هو صالح لمكانه و زمانه وحده. و هو ذات قول قرضاوى و لكن من سبيل أخر،
و يبقى أن نتفق حول هذا الصالح لمكانه و زمانه فقط؟ يعنى هل ضمن ذلك المحدود بزمكانه و لا يقول به اليوم عاقل : حدود العقوبات البدنية مثلا؟ هل ضمن ذلك المحدود : الجهاد و الولاء و البراء؟ اذا كان هو من فتح الباب، فكل سؤال إذن سيكون مطروحا للبحث دون تحريم و تكفير و تجريم , اذن لماذا و الحال كذلك ينزعج قرضاوى و كل المشايخ من العلمانيين؟ الذين يحررون الخلاف بإحالته إلى مرجعية متوافق عليها هى أحكام العقل البشري، مع ترك القديم لزمانه . فلماذا إذن يزعجهم قولنا فى وجوب استبعاد الشريعة من الدستور، و استبعاد الدين من المجال الاجتماعى العام ، أليس فى ذلك ترك القديم لزمانه حتى نضع شرائعنا بأيدينا بما يوافق ظروف زماننا و مصالحنا بالعقل؟
و هو ما وافقت عليه الآيات الصالحة لكل زمكان حتى قالت: من شاء أن يكفر فليكفر.
هنا الكلام المفصلى الذى سيفصح عنه الشيخ فى حلقة أخرى كان عنوانها: الصحوة الاسلامية و مآلاتها”.
حيث يكشف لنا عن اللغز الذى حارت فيه الأفهام، فهو كما رأيتم يتفق مع العلمانيين فى الوسائل و الأهداف، لكنه على مستوى آخر يخالفهم لدرجة تكفيرهم و تخوينهم، رافضا ما يقولون به من تشريع بشرى لقوانين وضعية تراعى الصالح العام. هذا رغم أن الرجل قال أنه سيعيد صياغة الشريعة بالعقل لأن الشريعة على حالها الحالى لا يقول بها عاقل، لكن يبدو و أن الشيخ يكسب عقله و صياغته لونا من القدسية، لا يجعلها وضعية كالقوانين الوضعية البشرية فى مجالس تشريعية. الشيخ يصر على تأميم القانون لصالح الله فيما يزعم ، رغم ان الله بذلك أصبح خارج الموضوع، فاعادة صياغة بالعقل يعنى وضعى.
ثم ما هى حكاية وضعى هذه التى يلوكونها كلما تحدثوا عن تشريع الشعوب لنفسها، هى وصم لهذه الشريعات بالبشرية، دون ان يلتفتوا ان ذلك هو نعم الوضع ، و ان تلك هى نعم التشريعات ، وان الشريعة الإسلامية نفسها و التى امتد وضعها زهاء الأربعة قرون متواصلة , مضاف إليها عشرة قرون أخرى تفسر المتون و تشرح الهوامش ، هى كلها من وضع البشر، هى من وضع الجعفرى و الحنبلى و الشافعى و المالكى و الحنفى و الظاهرى و الباطنى ، و ما اتفقوا يوما على قول واحد رغم أنها أحكام تتعلق بمعاش الناس بل و بحياة الناس , ما بين رجم و بين قطع من خلاف و بين الذبح صبراً .
إذن يبرز الخلاف فى السؤال : من الذى سيضع أو يصوغ القوانين ان لم يكن الله ؟ إجابتنا نحن العلمانيين بسيطة واضحة مفرطة فى يسرها ( من يضعها الناس عبر مجالسهم التشريعية المنتخبة انتخابا سليما سلميا حرا).
لكن قرضاوى لا يرى معنا هذه الاجابة ،لأن لديه اجابة أخرى ، يعود معها فى انتكاسة شديدة ليطلب الشريعة التى كانت من منذ قليل لا يقول بها عاقل، كمصدر و مرجع دستورى ، بقوله :” فمرجعية الشريعة هى المصادر المعصومة، مرجعية الوحى الإلهى.”
اذن هذا قرضاوى آخر يقول قولا على النقيض التام مما قال قرضاوى الأول ،هذا شيخ و ذاك شيخ آخر!! فأيهما قرضاوى الحقيقى و أيهما نصدق؟
ان سر الانتكاسة و لعبة البيضة و الكتكوت تفصح عن مخفيها عندما تسأل الشيخ عمن سيضع القوانين ، فيقول محاولا الالتفاف على المعنى المقصود، فى غير مباشرة جهيرة شفافة، “الشريعة تحتاج الى اجتهاد و استنباط..و أهل العلم عليهم ان يعملوا عقولهم” .يعود بنا الى الشريعة مطروحة بغرفة الانعاش تعانى نقصاحادا فى عوامل الحياة و الوجود، تحتاج الى محاليل من عمل عقل البشر، و حتى لا تكون غرفة الانعاش مباحة لكل من هب و دب، فقد اوقف قرضاوى على بابها زبانية غلاظ شداد، حتى لا يقوم بهذه المهمة غير رجال الدين وحدهم الذين يسميهم العلماء ، الذين فيما يبدو يملكون وحدهم دون بقية المسلمين ذلك الشىء المسمى عقلا !!و هم وحدهم من يملكون الكلمة السرية لفتح المغارة و الولوج الى عالم الشريعة و مفازاته السحرية دون بقية خلق الله. يقول الشيخ : “وأهل العلم عليهم عليهم أن يعملوا اجتهاد عقولهم ليستخرجوا الحكم الشرعى من النصوص،لأن النصوص بعضها قاطع فى دلالته،و بعضها ظنى فى دلالته،و بعض الأشياء ليس فيها نصوص قط،فنحن نعمل لنلحق مالا نص فيه على ما فيه نص”.
كلهم يقولون نفس (البُق)، !! الدكتور أحمد الريسونى الخبير بمجمع الفقه الاسلامى العالمى (يا أخى شوف أسماء و ألقاب جامده و كبيرة تخوف بصحيح!!!!!) يأخذ الكرة من قرضاوى فيشرح و يوضح من سيقوم بصياغة الشريعة الحديثة .فيقول: “هم من سموا زمن الصحابة بأهل الشورى .. فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون..و لو ردوه الى الرسول و أولى الأمر فهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم .. هذه أمور تخصصية تحال الى أهلها لذلك حينما نقول أن الأكثرية مرجحة لا يعني هذا أن الأكثرية معصومة ، ان العصمة عند علماء الأمة ؟حلقة رأى الأكثرية فى الشريعة الاسلامية ”
اذن تاهت و لقيناها.
و أهل العقل موجودين و الحمد لله لصياغة شريعة إسلامية جديدة و معاصرة، هم أهل الذكر، هم أهل الشورى، هم وحدهم الصواب المطلق، ولا معنى هنا لاغلبية و شورى و كلام فارغ، العصمة ليست للأكثرية النيابية، العصمة لعلماء الأمة؟ هل تسمعون يا مسلمون؟ العصمة لم تعد لله وحده، العصمة لم تعد لله و نبيه وحدهما، العصمة لم تعد لله و نبيه و الصحابة وحدهم , و لكنها أصبحت أيضا للتابعين باحسان الى يوم الدين، و من مثل مشايخنا تابعا باحسان؟ انهم يؤلهون ذواتهم و يقدسون قولهم دون بقية الأمة التى عطبت و هزلت و خرفت حتى لم يبق فيها غير أصحاب الفضيلة كبقية مقدسة من الزمن المقدس. انهم يروننا ميراثا لهم لأفكاك منه، و أوصياء علينا دون اختيار منا، و أوصياء على دين الله دون أن يقدموا لنا أى بيان ربانى بذلك.
المشكلة ان هؤلاء المعصومين منهم الشيعى الامامى و منهم الشيعى الأباضى و منهم السنى الحنبلى و منهم السنى الحنفى ، و لم يسبق أن التقى النقيضان مرة ، فكيف سيصوغون لنا شريعتنا و هم على حالهم هذا؟
اللافت للنظر أن الناس غير موجودين فى خطاب مشايخنا بالمرة ، لم يسألوا عن رأى الناس ، بل كانت مشكلتهم هى اذا تضارب رأى المشايخ مع رأى السلطان ، انظر بذات البرنامج و القناة حلقة فقه النصر و التمكين ، و كان بطلها المغوار الدكتور( على الصلابى) اذ يعلن كما لو كان عليا بن أبى طالب يعلن سورة براءة من فوق الكعبة، بقرار و فرمان يقول : ” ترتيب الدور الأول للعلماء الربانيين لأنهم أصحاب الفهم (يعنى غيرهم بقر؟!) ، و لأنهم أصحاب الفكر(يعنى غيرهم مخبلين) ، و لهم القدرة على التأثير فى الأخرين (انظروا مدى استصغارهم للجماهير التى تتبعهم مطيعة كالماعز) .بعدهم يأتى دور صاحب القرار السياسى .. أما اذا حارب صاحب القرار السياسى الدعاة و العلماء فسيكون عائقا ” .. و الشيخ الصلابى كان يتحدث على التلفاز و على ملأ و على حكومات و على مباحث ، و على أمن الدولة ، و على معتقلات،لذلك لم يشرح للمسلمين كيفية إزالته هذا العائق؟!!!!
هذه دولتنا الاسلامية المنتظرة،دولة حداثية سيعمل رجال الدين فيها على صياغة الشريعة بالعقل وحدهم دون غيرهم، ترى بعدما قرأنا و علمنا هل نثق فى هولاء القوم حتى نضع مصيرنا بين أيديهم؟ و هل هذا ما يصفونه بدولة ديمقراطية مدنية ذات مرجعية اسلامية؟ أم هو الكذب و التدليس و غش المسلمين و دين المسلمين و رب المسلمين ؟
د. سيد القمني
2007 / 7 /24